ترأس دولة الإمارات بتاريخ 2/12/1971 ورحل عنها بتاريخ 2 /11/2004
فقدت الأمة العربية برحيل الشيخ زياد واحدا من رجالاتها الكبار، وأحد القادة القوميين الذي نذر نفسه لوطنه ولأمته، وكان رجل الوحدة بلا منازع، فقد اثمرت رؤيته لمستقبل بلاده عن أهم مشروع وحدوي عربي في التاريخ المعاصر، بل كان مشروعه هو المشروع العربي الوحيد الذي ثبت في وجه الأعاصير التي تعصف بالأمة العربية والإسلامية في الوقت الراهن، ومنذ أن خرج اتحاد الإمارات العربية إلى الوجود عام 1971 .
[blink]نسبه[/blink]
هو زايد بن سلطان بن زايد بن خليفة بن شخبوط بن ذياب بن عيسى آل نهيان، وهذا الأخير كان يتزعم قبيلة البو فلاح التي استوطنت أبوظبي عام 1760م.
[blink]نشأته[/blink]
ولد الشيخ زايد عام 1918 في مدينة أبوظبي، في قلعة الحصن، التي بناها والده الشيخ سلطان، الذي حكم في مدينة العين في الفترة مابين 1922-1926. وزايد هو الرابع بين إخوته، والرابع عشر في سلسة آل نهيان، ووالدته الشيخة " سلامة "، وسمي زايدا تيمنا باسم جده لأبيه زايد الكبير أمير قبيلة بنى ياس، الذي حكم إمارة أبو ظبي في الفترة من 1855 إلى 1909، وكان قد تولى إماراتها وهو في العشرين من عمره، واشتهر بالذكاء والشجاعة وحسن التصرف ومعاملة الآخرين، مما أكسبه شعبية كبيرة بين رعاياه، وكان فارسا قويا وحد بين القبائل، وصنع أمجاد بني ياس، التي خرج من بطونها آل نهيان.
بلغ زايد الرابعة من عمره، عندما تولى والده سلطـان زمام القيادة كرئيس لقبيلته وكحاكم لأبوظبي عام 1922، أثر وفاة أخيه الشيخ حمدان بن زايد، واتسم حكم الشيخ سلطـان بالشجاعة والحكمة والتسامح غير المفرط، ووطد علاقات طيبة مع جيرانه من العرب.
ولع زايد بالأدب، واظهر اهتماما بمعرفة وقائع العرب وأيامهم، وكان يجلس إلى كبار السن ليحدثوه عما يعرفوه من سير الأجداد وبطولاتهم.
نشأ زايد مولعا بالخيل، فكان يتردد إلى إسطبل العائلة للخيول العربية في مزيد، والذي ضم أيام والده 180 حصانا و 400 من البعير.
كان في التاسعة من عمره عندما اغتيل والده سلطان عام 1927، الأمر الذي جعله يلجأ إلى العزلة، بعد أن كان معروفا بمرحه، وشغبه الطفولي.
بعد وفاة والده، فتح عينيه على قومه وهم يعانون الحرمان و القهر لسنوات، مما زوده بالصلابة والعزم، وكانت نشأته إسلامية بدوية، أعطته القدرة على التحمل والجلد والصبر.
انحصر نشاط زايد في بداية نشأته داخل قبيلته، إذ لم يكن معروفا خارجها، وحين تولى منصب حاكم العين، ارتفعت شهرته، وذاع صيته بين القبائل البدوية.
وعنه قال الشاعر الشيخ / عبدالرحمن بن على آل مبارك، وهو أحد علماء الدين في منطقة الأحساء السعودية هذه الأبيات:
منذ نشأ وهو ذو عزم وذو همم لم يثنه عنها العسر والخطر
سباق للمجد والعلياء يعشـقها كأنما المال يوما عنده مدر
وهكذا شيمة الغر الكرام ترى من جاد ساد وشاع العلم والخبر
فزايد زاد في خلق وفي كرم هيهات هيهات تحوي شكله العصر
أحيا مآثر أباء له سلفـــوا فالجـود مهـم إليـه ينحـدر
[blink]تعليمه[/blink]
لم يتلق الشيخ زايد تعليما أكاديميا، حيث لم يكن ثمة مدارس في ذلك الوقت، واقتصر تعليمه على التعاليم الدينية التي تلقاها على يد المطوع، و بدأ تعلم القرآن الكريم، وهو في الخامسة وأتمه في سن الثامنة، كما تعلم العمل السياسي في الكتاب. ويعترف زايد بأنه كان يرفض التعليم في بعض الأحيان، ويتمرد على معلمه في أحيان أخرى.
[blink]حياته العملية[/blink]
كان في الثامنة والعشرين من عمره، عندما تولى حكم مدينة العين بقراها السبع، بصفة حاكم للمنطقة الشرقية، وكانت هذه النقلة التاريخية هي التي كونت شخصية الشيخ / زايد السياسية.
انتقل عام 1946 إلى قلعة المويجعي، ليمارس مهامه الجديدة، والمويجعي قلعة قديمه تقع عند مشارف مدينة العين. عمل خلال تلك الفترة تحسين أحوال المواطنين المعيشية، وتحيق العدل، والعدالة في حكمه وأحكامه بينهم، ومن مجلسه خارج القلعة، وتحت شجرته المفضلة في ذلك الوقت، كان يحل مشاكل المتخاصمين، ويستقبل الضيوف والزوار دائمي التردد عليه، وكان بسيطا وعادلا في أحكامه مما أكسبه حب أهل العين. عن ذلك يقول الرحالة البريطاني ويلفرد ثيسجر في كتابه "الرمال العربية": إن زايد رب أسرة كبيرة، يجلس دائماً للاستماع إلى مشاكل الناس، ويقوم بحلها، ويخرج من عنده المتخاصمون في هدوء، وكلهم رضا بأحكامه التي تتميز بالذكاء، والحكمة، والعدل. أما زايد فيقول: "إن بابنا مفتوح وسيظل دائماً كذلك. ونحن نرجو الله أن يجعلنا دائماً سنداً لكل مظلوم. إن أي صاحب شكوى يستطيع أن يقابلني في أي وقت. ويحدثني عن مظلمته مباشرة".
شهدت أبو ظبي في فترة حكمه لها، نهضة عمرانية، وتنموية، وصحية، واقتصادية شاملة، إذ امتدت الطرق المعبدة الحديثة إلى مئات الأميال، ودخلت الكهرباء، والمياه النقية العذبة، إلى كل مكان وبيت، وانتشر التعليم، وأنشئت المدارس المجهزة تجهيزا حديثا، وأقيمت المستشفيات والعيادات الطبية المتطورة في المدن والحضر، وتحققت العدالة الاجتماعية، وانتشر الأمن، والأمان، والاستقرار، وبدأت الكوادر الإماراتية المؤهلة تأخذ مواقعها في مختلف مجالات العمل.
جعل من أبو ظبي نواة، انطلق منها لتأسيس دولة الإمارات العربية المتحدة، وكان أن تحقق له ذلك عام 1971.